هياكل ملكية المؤسسات الإعلامية في اليمن وأثرها على الصحافة المطبوعة
-عام 1872 م أدخل العثمانيون أول مطبعة إلى ما كان يعرف باليمن الشمالي.
-صدرت نشرة”اليمن” والمخصصة لنشر مراسيم وتعليمات المتصرفية العثمانية في صنعاء، استمرت
7 سنوات .
-عام 1879 م صدرت صحيفة “صنعاء” وهي الصحيفة الأولى على مستوى الجزيرة، وكانت تصدر
باللغتين(العربية، والتركية)واستمرت في الصدور حتى خروج العثمانيين عام 1918 م.
-بينما عرف ما يسمى باليمن الجنوبي صدور أول جريدة وتسمى “عدن” الرسمية في عام 1929 م.
بعد ذلك توالت الإصدارات حيث وصلت الإصدارات في عدن وحتى أوائل الستينات لتصل إلى
34 )إصدارًا (مابين مجلة وجريدة حكومية وحزبية ونقابية)يومية وأسبوعية. )
أما في الشمال”اليمن الشمالي” وبعد قيام الثورة عام 1962 فقد بلغت الإصدارات فيها خلال الفترة
1978 م( 46 )صحيفة ومجلة – الواقعة التي أطلق عليها مرحلة تأسيس الصحافة الحديثة بيت 1962
تقريبًا ما بين يومية وأسبوعية وشهرية.
1989 م فقد بلغت الإصدارات فيها – أما الفترة التي سميت بمرحلة الانتشار والتي تقع ما بين 1979
47 )صحيفة ومجلة. )
وعلى الرغم من هذه الإصدارات إلا أن نظامي الحكم سواء كان في الشمال أو الجنوب مارس
الوصاية على هذه الوسائل الإعلامية، بل واعتبرها جزء من منظومة الحكم، ولذا عمل على توجيهها
لخدمته.
مرحلة الحريات:
نص دستور الجمهورية اليمنية في مادته ( 42 )على:
“لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتكفل الدولة حرية
الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون”
وأعتبر المهتمين بأن ربيع الحريات الصحفية في اليمن قد بدأ،مع إنبلاج فجر الوحدة اليمنية على
1941 ميلاد وصدور مجلة – الرغم من استشهاد الكثيرين بأن اليمن كانت قد شهدت خلال 1938
الحكمة التي ُاعتبرت حينها مجلة التجديد في مجالات الفكر والإبداع بألوانه المتعددة..لكنها ارتبطت
بإدارة الحكم وإنفاقه مما أدى إلى توقفها لأسباب عديدة أبرزها عدم رضي الإمام يحي عن
نهجها..وفي الحرب العالمية الثانية تفتحت الحريات باتجاه حرية العمل السياسي،والتنظيم النقابي
،وإطلاق الحريات الصحفية في اليمن الجنوبي آنذاك حيث شهدت عدن ولادة الأحزاب
السياسية”الجمعية الإسلامية الكبرى، الرابطة، حزب الأحرار، الجمعية اليمنية الكبرى ، وشهدت ميلاد
إصدارات “قناة الجزيرة ،صوت اليمن وعشرات الصحف والمجلات مع هذا كله هناك إجماع على أن
قيام الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو هو الميلاد الحقيقي لحرية الصحافة .
ملكية المؤسسات الإعلامية:
صدر القانون رقم ( 25 )لسنة 1990 م بشأن الصحافة والمطبوعات حيث كفلت المادة ( 33 )منه على:
“حق إصدار الصحف والمجلات وملكيتها مكفول للمواطنين والأحزاب السياسية المصرح لها، والأفراد
والأشخاص الاعتبارية العامة، والمنظمات الجماهيرية الإبداعية ، والوزارات والمؤسسات الحكومية
وفقًا لما هو منصوص عليه في هذا القانون”
1998 م إلى ما يقارب( 180 )صحيفة ومجلة، وهذا – حيث وصلت الإصدارات خلال الفترة من 90
القانون مازال يعمل به حتى الآن على الرغم من المآخذ التي يطلقها أصحاب المهنة والمراقبين، إلا
أنه يجري حاليًا تعديل هذا القانون، ويدور لغط حول هذه التعديلات، وأهم ما في التعديلات هي دعوة
رئيس الجمهورية لإلغاء عقوبة السجن بحق الصحفيين، ويخشى آخرون من أن تستبدل هذه العقوبة
بعقوبات يرون أنها أقسى مثل تحديد مبالغ كغرامات خارجة عن القدرة الاستيعابية للصحف
لاسيما تلك الأهلية والمستقلة..ومن الانتقادات التي توجه لمشروع تعديل القانون بأن هناك كثير من
المحظورات، وكذلك ضرورة الحصول على ترخيص مزاولة المهنة، ويطالب منتقدي القانون،
باستبدال الترخيص بالإخطار
– أما الإعلام الإذاعي فقد عرفته اليمن في عام 1940 م عندما انشأ الانجليز إذاعة صوت الجزيرة في
عدن وانتهي إرسال هذه الإذاعة بنهاية حرب عام 1945
وفي عام 1946 م قدم وفد أمريكي إلى صنعاء للتباحث مع الإمام حول استخراج النفط في اليمن
مصطحبًا جهازًا لاسلكيًا إهداء للإمام الذي استخدمه للإرسال الإذاعي الذي افتقر بثه على يومي
الخميس والجمعة ولمدة 75 دقيقة فقط.
-أما الإعلام التلفزيوني فترجع بداياته إلى عدن ، في حين كانت بداية الإرسال التليفزيوني في صنعاء
عام 1975 م واقتصر في البداية على تغطية مدينة صنعاء وضواحيها، وحتى اللحظة مازال الإعلام
الإذاعي والتلفزيوني حكرًا على الدولة ولم يسمح بقيام قنوات أهلية..وينتظر من مشروع تعديل القانون
أن يسمح بفتح قنوات إذاعية وتليفزيونية أهلية .
هياكل المؤسسات الإعلامية:
لم يسمح بحق التملك للمؤسسات الإعلامية المسموعة والمرئية واكتفى بالسماح بحق إصدار الصحف
والمجلات وملكيتها، وعلى الرغم من أن الصحافة المطبوعة قد ازدهرت من خلال الكم الكبير في
الإصدارات إلا أن صعوبات جمة جعلتها تفقد العمل المؤسسي ، وانهارت بعض المطبوعات وأغلقت
أبوابها واختفى البعض الآخر من الساحة، والبعض أصبح صحافة المناسبات حيث تظهر في مواسم
كالأعياد والمناسبات الوطنية والانتخابات لتستفيد من الدعم الذي تحصل عليه لكنها سرعان ما تعود
للفط في سبات عميق..والصعوبات والمعوقات التي واجهت المؤسسات الإعلامية في اليمن يمكن
إيجازها في
أو ً لا: المشكلات التنظيمية وتشمل:
أ) غموض الأهداف.
ب) قلة التخطيط الاستراتيجي.
ج) نقص التكنولوجيا.
د) ضعف نظم المعلومات.
ه) تدني الاتصالات التنظيمية.
ثانيًا: المشكلات البشرية وتشمل:
أ) القيادات التقليدية التسلطية.
ب) قصور الإبداع التنظيمي.
ج) نقص البرامج التجريبية.
د) قلة الموضوعية في التعيين.
ه) عدم توافق الأجور والحوافز مع العمل.
ثالثًا:المشكلات البيئية وتشمل:
أ) تدخل السلطات العليا.
ب) ضعف الرقابة التشريعية.
ج) ضعف المنافسة المحلية .
د) ضعف نقابة الصحفيين.
ولم تكن الإصدارات الحزبية والأهلية أفضل حا ً لا من مثيلاتها الرسمية أو تلك المدعومة حزبيًا على
الرغم من أن الثانية تتفوق على الأولى من حيث الإمكانيات ، مع ذلك ظل الجميع تحت المعوقات
المذكورة أعلاه ولم تستطع في مجموعها أن تؤسس لتجربة كاملة الملامح والمعالم.
وقد لعبت العديد من العوامل السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية أدوارًا في أضعاف
الإصدارات الحزبية والأهلية، وأهم تلك العوامل:
-1 عدم اعتماد الصحافة الحزبية والأهلية على العمل المؤسسي القائم على التخطيط .
-2 تدني الأجور والحوافز المادية والمعنوية.
-3 نقص مصادر المعلومات.
-4 عدم التطبيق الدقيق لشروط العمل الصحفي.
ولعل الإشارة إلى دراسة نشرت مؤخرًا (موقع -التغيير عارف الاتام) تؤكد أن الصحافة المطبوعة
تعاني من مشاكل عديدة حيث شملت( 40 )صحيفة رسمية وحزبية وأهلية جرت في محافظات (أمانة
العاصمة ، عدن، تعز ،إب ، المكلاء والحديدة)على مدى ثلاثة أشهر ونفذها قسم العلاقات العامة بكلية
الإعلام –جامعة صنعاء.والتي ركزت على رداءة وضعف منافذ التوزيع وانتهاءًا بضآلة حجم الأعداد
المطبوعة ومدى تواجدها في السوق.
فقد جاءت صحيفة الرياضة في المرتبة الأولى من حيث حجم التوزيع الفعلي والانتشار
بواقع( 13.804 )نسخة وفي المرتبة الثانية صحيفة الأيام-أهلية( 12.428 )ثم صحيفة الثوري –ناطقة
باسم الحزب الاشتراكي اليمني( 10.020 )ثم صحيفة الثورة الرسمية( 9.823 )تلتها صحيفة الناس
الأهلية( 9.280 )ثم بازار الإعلانية( 8.772 )وفي المرتبة السابعة صحيفة الصحوة –ناطقة باسم التجمع
اليمني للإصلاح ( 7.564 )ثم صحيفة الوسط الأهلية( 7.199 )ثم صحيفة 26 سبتمبر الصادرة عن
.( التوجيه المعنوي للقوات المسلحة ( 6.890
وهدفت الدراسة الميدانية الخاصة ب(حجم توزيع الصحف اليمنية في المنافذ البيعية) إلى معرفة
حجم التوزيع الفعلي للصحف المحلية وأماكن تمركزها، وتلاشيها ومعرفة حجم جمهور كل صحيفة،
ولم تدخل في أرقام الدراسة حجم الصحف التي يتم توزيعها من خلال الاشتراكات السنوية أو التي
توزع مجانًا، كما لم تلتفت الدراسة إلى الأرقام المعلنة من قبل عدد من الصحف حول حجم طباعة
العدد، وبالتالي لم تتأثر بتلك الأرقام المعلنة.
الدراسة أوضحت المشكلة التي تتمثل بأن غالبية الصحف الصادرة تتمركز في أمانة العاصمة بنسبة
كبيرة، بينما تقل بشكل ملحوظ في بقية المحافظات بنسب متواضعة، وهذا يفسر ضعف عملية الانتشار
لهذه الصحف وتضاؤل جمهورها في المحافظات ويعود ذلك لضعف منافذ التوزيع وعملية التسويق
الأمر الذي ينعكس على حجم ومستوى الرسالة الإعلامية المناط بهذه الصحف..، والقول بتواجد هذه
الصحف في المحافظات إلاَّ أن هذا التواجد لا يذكر باستثناء صحيفة الرياضة حسب ما ُتفصح عنه
الدراسة حيث اكتسحت الصحف في ثلاث محافظات واحتلت المرتبة الثانية في ثلاث لتتصدر الجميع
في عملية التوزيع الكلي.
وينسحب ضعف التوزيع وتواضعه على الصحف الحكومية حيث يلاحظ تدني مستوى توزيعها في
المحافظات غير الصادرة فيها باستثناء صحيفة 14 أكتوبر، التي توزع في صنعاء أكثر منها في
عدن(مكان إصدارها) كما يلاحظ تراجع الصحف الرسمية عن منافسة بقية الإصدارات باستثناء
صحيفة الثورة التي احتلت الصدارة في الأمانة بينما جاءت صحيفة الجمهورية في المرتبة التاسعة
بمدينة تعز(مكان إصدارها)وكذا صحيفة 14 أكتوبر التي جاءت في المرتبة السابعة بمدينة عدن أما
الصحف الأهلية فتتصدرهن صحيفة الأيام ثم صحيفة الناس يليها صحيفة الوسط، وُتعد صحيفة صنعاء
أقلهن توزيعًا فيما يلاحظ أن الصحافة النسائية الأهلية لم تحز على مرتبة توزيعية معقولة، وهي في
أواخر الصحف الأقل توزيعًا الأمر ذاته ينطبق على الصحف الحزبية التي تعاني من ضعف في عملية
التوزيع والانتشار أكثر من غيرها، وتأتي صحيفة الثوري من بين الصحف الحزبية حاصلة على أعلى
نسبة توزيع يتركز معظمة في أمانة العاصمة وأقله في المكلاء، تليها الصحوة التي هي الأخرى يتركز
أعلاه في أمانة العاصمة وأقله في المكلاء وتليها صحيفة الوحدوي-الناطقة باسم التنظيم الوحدوي
الناصري- ثم صحيفة البلاغ-معارضة- ثم صحيفة 22 مايو-الحزب الحاكم- ثم صحيفة الميثاق-
الحزب الحاكم- وُتعد صحيفة العاصمة-الإصلاح- في أدنى الصحف الحزبية توزيعًا في المحافظات
الست.
الإعلام المتخصص:
فعلى الرغم من أن الدراسة اقتصرت على حجم توزيع الصحف اليمنية في المنافذ البيعية إلاَّ أنها لم
تشمل المجلات وبالذات المتخصصة منها والتي ُتعد مجلات فصلية، وهي في الأساس صادرة عن
مراكز ومؤسسات لكنها غير منتظمة الصدور.
الإعلام الاقتصادي:
على الرغم من التوجهات الاقتصادية الحالية الذي تشهده اليمن إلا أن الإعلام الاقتصادي مازال
متواضعًا وأبرز أسباب تواضعه في عدم توفر الكادر البشري (الصحفي الاقتصادي) أضف إلى ذلك
ضعف إمكانياته المادية نظرًا لعدم وجود الدعم المؤسسي المتمثل في الإعلان كرافد أساسي..فما زال
الإعلان في اليمن قائم على الشخصنة والحزبية، وهذا أحد أوجه القصور التي لم تمكن الصحافة
الجادة من تبني برامج واضحة.
وكانت وكالة الأنباء اليمنية سبأ أصدرت أول مجلة رسمية اقتصادية (مجلة الاقتصادية) إلا أن توقفها
عام 2003 م يعكس عدم الاهتمام بالصحافة المتخصصة على المستوى الرسمي..ويمكن القول أن مجلة
اقتصاد وأسواق هي المجلة الأهلية الأولى في اليمن التي تصدر بانتظام دقيق وتتصدر الإعلام
الاقتصادي المتخصص، ووجود مجلات أخرى كالاستثمار الصادرة عن هيئة الاستثمار وغيرها لم
تتمكن من خلق منافسه جدية فيما عدى تفوق هذه الإصدارات ماديًا بعيدًا عن المحتوى
والمهنية..وتظل الملاحق الاقتصادية الملحقة بالصحف الرسمية والأهلية والحزبية ضعيفة في
المضمون والتأثير.
الخلاصة أن المناخات الديمقراطية التي تشهدها اليمن ستكون مناخًا مناسبًا لخلق حريات صحيفة، لكن
التجربة لم تترسخ بعد، ومازال الجميع في السلطة والمعارضة مشدودين إلى الماضي، كما أن لغة
الاحتواء ومحاولة الاستقواء على الأخر بل وتهميشه وأضعافه قائمًا ، وكثير من الصحف التي يطلق
عليها أهلية لم تلزم الحياد، ولم تنهج أساليب واضحة لأنها تفتقد إلى التخطيط السليم، فمرة تميل إلى
اليمين ومرة تميل إلى اليسار.
لكن إجما ً لا نستطيع القول أن ضعف هياكل المؤسسات الإعلامية في اليمن، وتخلف الإدارة، وضعف
البني الاقتصادية ومصادر التمويل على الرغم من اختلافها هنا وهناك ، وكذا تدني المهنية وعدم
توافق الأجور والحوافز مع العمل، ناهيك عن تدخل السلطات وضعف البيئة التشريعية ، والبعد عن
النظرة الخدمية للرسالة الإعلامية وتسييسي المحتوى وضعف الأطر التنظيمية كنقابة الصحفيين، كل
ذلك يعد من العوامل المشتركة التي تجمع الصحف اليمنية على اختلاف مشاربها (رسمية ، حزبية
،أهلية).